السبت، 28 ديسمبر 2013

في بلادٍ كهذه ..




لأن الحياة هنا
 ليست أكثر من حظ عاثر
أقول لك :
لمَ الشّعر ؟
لمَ كان علينا أن نبتلع العمر
شوكة
شوكة
لنقول
_بشفاه دامية
لا يمكن تكذيبها_
وردة ؟

 ***
لا شيء سيحدث
بعد عام ، بعد عامين أو عشرة
لا شيء سيحدث
في بلاد كهذه
ستظل خائفاً على بطاقتك المدنية
أكثر من خوفك على حياتك
وفي عيون العالم
ستعبر دائماً
كومة من العظام البيضاء
مكسوة
بالعلامات الفارقة.

***

وحيداً
في مكان بعيد
سيكون لديك
ما يستحق الحرب
لكن ليس ما يكفي من الأعداء
في مرمى الرّصاص.




كاتيا راسم
دمشق
24 \ 11 \2013

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

هات يدك ، أريد أن أعبر حربًا.




نكاية بالفراغ الذي يتركه في كل مرة بعدك ..
الفراغ الذي أعجز عن ملئه بالكلمات المناسبة ..
الفراغ  ذاته الذي صُنِع من جلده ألم العالم ،وما في يد الوقت من سياط  ..
أفكر بأن أرسل لك رسالة بالبريد ،
على أمل أن يقرأها كل ما في بلادنا من قتلة و مخبرين.





كل كلمة
تقولها
تَطرد من رأسي
رصاصة ...
كل وردة،
تُفرِغ
قبراُ
من الذاكرة.


***

وما يخيفني
 يا حبيبي؛
أن
الزنازين
الانفرادية
لا تتسع
للاثنين معاً ؛
( السجين
والغفران)..

***
قبل أن يرتكب حرباً
على العالم
 أن يعد للعشرة
لكن
 ماذا سنفعل بقاتل
لا يستطيع العد
إلّا مستعيناً
بجثثنا ؟!

***
وهم يتفقدون
قتلى الحرب
وهم يبحثون عن وجوه أليفة
في أكوام تلك الجثث 
المجهولة الهوية
كنت معهم
كنت بينهم
أبحث أيضاً
عن
جثتي.

***

على عكس ما توقعناه
كل تلك النوافذ المشرّعة
التي استوقفت غربتنا
كانت لأناس غادروا
تاركينها هكذا ؛
_ مفتوحة
و مضاءة _
ليخدعوا
بها
اللصوص..

الغرباء
لصوص
الألفة.

***

حصان ميّت ،
نهر من جليد ،
حطب ،
ساعة بلا وقت ،
عين مفقوءة ،
ويدك ..
يدك التي تكفي
لأحرك
في قلبي
المشهد
من جديد..


***

أخاف عليك
من أناس يصوبون بنادقهم
خارج المرايا
على كل ما لا يشبههم..
من أبواب مغلقة..
من مفاتيح خاطئة..

أخاف عليك
من قابيل آخر
تكاثرَ
حين 
طعنةً بعد طعنة
لم يقتله
النّدم.




كاتيا راسم 
17 \ 12 \ 2013
دمشق _ القاهرة 

الخميس، 5 ديسمبر 2013

لا تترك النهر يغادر ..





وأنت تنفض عن قميص العالم ما علق به من دمٍ وذئاب و إخوة كاذبين
وأنت تقول اسمي كما لو كان قشتك الأخيرة ..
وأنت تخبرني بطريقة شعرية أنك لا تحب الشعر..
.. أحبك
نعم ، 
أحبك بكل هذه اللاجدوى الممكنة





بعد خط النهاية ،
إلى أين تمضي الخيول؟
وهذا الغبار الذي تبعثه فينا المعركة
هل سيتراكم ويتحجّر ؟
هل سنستيقظ يوماً
على قلوبنا
ثقيلة وقاسية
كأكياس
مليئة بالحجارة؟

***

لنهاجر ..
لنترك البلاد
لحروبها
لنظرات الغربان
ليوسف ولإخوته الكثر..
لهذا العالم
الذي كتفاحة
كتب عليها أن تسقط دائماً
في مكيدة الوجود.


***

في المشهد :
أنا وأنت
في قطار لا يتوقف..
قطار لا تغريه في شيء
كل هذه المحطات ..
أنا وأنت
في قطار لا يغادر ..
في قطار لا يتوقف..
في قطارٍ ما..
يمتد
كطريق
ولا يأبه
بالوصول.

***

لا تترك النهر يغادر ..
يؤلمني حقاً
 أن يغادر النهر
تؤلمني رؤية الجرح
الذي أخفاه طويلاً الماء
و كما تؤلمني
رؤية الكلمات
التي يقولها
صمت
كل تلك
الحجارة .


***

العالم في غيابك
يشبه كثيراً
القبلة التي تركتها على زجاج نافذة العناية المركّزة
النافذة التي بضعفٍ
حاولت فصل موتهم الموجِع
عن حياتي.

***

أحبك..
وأنت تبحث لنا عن بلاد محايدة..
عن بلاد لم يلطخها بعد دم العالم
ونشرات الأخبار ..
عن بلاد تنام وتستيقظ
بطمأنينة
عصفور 
بنى عشّه
على حافة قلقة ..





كاتيا راسم
دمشق
6 \ 12\ 2013







الأحد، 24 نوفمبر 2013

تهويدة ..



نامي أيتها الحرب نامي ..
نامي إن أردت في سريري ،
نامي في شِعرٍ كثيرٍ كتبته فيك وعنك..
نامي أيتها الحرب إلى أن يذهب أطفالنا إلى المدارس
إلى أن يعود آباؤنا المتعبون من المخابز
نامي إلى أن يلتقي عاشقان في باب توما ويعودان محملين بالوعود ..
نامي إلى أن يصل المسافرون إلى وجهاتهم محفوفين بعين الله و دعاء الأمهات ..
نامي كبستاني متعبٍ تحت شجرة
نامي كمتشردٍ تحت جسر..
نامي إن شئتِ في سريري..
نامي أيتها الحرب نامي
 إلى أن يولد كل الأطفال
إلى أن يكبر كل الأطفال..





كاتيا راسم
دمشق
24-11-2013

الخميس، 21 نوفمبر 2013

قهوتك على نار الكلمات لم تنضج بعد ..



إلى رياض الصالح الحسين إليه في موته المعلن في حياته الخفية ..



يبهرني موتك الذي ذهبت إليه خفيفاً ، كما لو أنك في مساء ماطر تناولت معطفك من خلف الباب
فتحت مظلتك ومضيت .. تاركاً مصابيحك مضاءة و قهوتك على نار الكلمات لم تنضج بعد ..
وكما لو أنك ستعود بعد قليل ، غادرت إلى الأبد.


كان عليك أن لا تموت هكذا ، على سرير أبيض في مشفى المواساة كما لو أنك نجوت من كل حروبك...!
كان عليك أن تتساقط مع دموع الفقراء ، أن تسيل مع دمائهم الثائرة في عروقك ، أن تنبعث مع صرخاتهم 
كان عليك أن تموت في حروب كثيرة  أصبتها و أخطأتك.


أخبرني عن الأبد ..
في حياة قادمة ، هل يصير الشعراء رياحاً ؟ هل يصيرون حصى في نهر لا يهدأ ؟
هل يصيرون قطارات تحمل الحنين إلى مدن بعيدة ؟
أم أنهم يغادرون هكذا كما غادرت أنت ، كما لو أنهم لم يغادروا ؟!


في قطار يغادر من دمشق إلى حلب ، كتبت لك رسالة ..
في قطار كان يغادر من دمشق إلى حلب تركت لك مقعداً شاغراً بجانبي
أيها المسافر الأبدي الذي لا يراه أحد.





كاتيا راسم
دمشق
21\ 11\2013

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

أن أسبق الرصاصة إليك ..





أضيع ..
في طريقي إليك ،
لأني
المركب
والشّراع
والبحّارة..
لأني
الثقب
في قعر سفينتي..
ولأني
الريح
التي 
تعاكسني ..


...

سأقول لطفلٍ ما مُغيّبٍ :
تلك الأجنحة الملائكية غيوم يا قلبي
و الغيوم قطنٌ ..
قطنٌ..
لأن صرخات كثيرة
جرحَت صمت  السماء..
لأن رصاصاً كثيراً
أحب نجمة
بعيدة .

...

وجعي ،
هذا العشب النامي
على طريق غيابك..

وجعي
هذا الباب الذي طرقته كثيراً
ولم يفتحه لي أحد...

وجعي
هذه الرصاصة
التي دائماً تسبقني إليك.
...


سأنساك..
وعَدتُ كل وردة قابلتها ..
سأنساك..
أخبرت كل نهرٍ عبرته..
وها أنا ..
كلما نسيتك..
ذكرتني بك وردة
أعادك إليّ نهر.

.....

بتلك الأشياء الجميلة
بتلك التي تأتي فجأة هكذا
كما لو أن مطراَ صيفياً
باغت ثياباً خفيفة لسائحة في دمشق
بتلك الأشياء العابرة
كزهرة كرز
لا تدوم طويلاً..
بتلك الأشياء التي تأتي جميلة وتذهب جميلة
كابتسامة غريبٍ لغريب في ممر قطار.
بتلك الأشياء أعيش
بتلك الأشياء أراك.





كاتيا راسم
دمشق
2011
مقتطفات قديمة من مشروع كتاب أهملته
حملتّه العنوان :
"أن أسبق الرصاصة إليك."


السبت، 2 نوفمبر 2013

يضحكون ، كما لو كانوا ذاهبين في نزهة ..





في الحرب،
في الليالي الباردة ، 
الجنود يحرقون كل شيء حولهم ،
وعندما ينفد منهم الحطب ،
يبدأون بحرق قلوبنا.

__


عندما أقول "جندياً"
يرتسم أمامي حذاء جلدي سميك
لا ينفذ الماء إلى قلبه.


__


عبرت قرب حافلة نقل الجنود ،
كانوا يلقون النكات ويضحكون..
يا الله !
يضحكون،
كما لو أنهم لن يذهبوا إلى الحرب
كما لو كانوا ذاهبين في نزهة .


__


"إلى الأمام سِر ، إلى الخلف دُر"
أرأيت؟!
 ليس للجندي أن يلتفت هنا أو هناك
حتى في طريقه إلى الحرب ،
لا تقع نظراته على وردة!

__


سيعود من الحرب بساق واحدة
بساق واحدة سيقف كطعنة في قلب الأرض
بساق واحدة سيصرخ :
" يا ليتني كنت شجرة "

__  


وهذا الأخضر الذي يرتديه الجندي
لم يستطع إخفاء
ما يشتعل في قلبه من يباس.

__

لهم حبيبات..
لهم بيوت دافئة ، بعيدة عن أرض المعركة..
وأطفال صالحون يقبلونهم قبل النوم..
حتى هم أنفسهم كانوا يوماً ما أطفالاً!
أوه ،
يصعب عليّ تصديق ذلك !





كاتيا راسم
دمشق
1 \11 \2013

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

ما هذا الذي يُثقِل خطاي ؟


إهداء إلى جماعة الإزميل
بوصفها نهراً وجسراً وضفةً مقابلة . 





كل الأشياء التي بحثت عنها طويلاَ
وجدتها ، بعد أن يئست ، في يدي
وفي يدي ، بعد أن وجدتها ، ضعت..

كل الكلمات التي ألقيتها على مسمع
بحرِ أو نهرِ أو غيمةِ..
صارت أسماكاً في شباك الآخرين..
مطراً يغسل سقوفاً غريبة..
قوارب للذين يعرفون وجهتم وطريقهم ,
وثمة من ينتظرهم على الجهة المقابلة ..

فارغة أعود
فما هذا الذي يثقل خطاي ؟
فارغة كالنسيان ،أعود
كسلال الصيادين الفارغة آخر النهار
كليل الأرامل
كنظرات الساهين عن أكواب القهوة
كبيوت الوحيدين
كغرف من ماتوا ، وقلوبهم معلقة بالحياة..
فارغة أعود
كجيوب الأمل
كصناديق البريد للمنتظرين رسائل لا تجيء
من أصدقاءٍ  قدامى
غادروا مثقلين
بالوعود
وبعنواين كثيرة أضاعوها
في الزحام البعيد


فارغة أعود
فما هذا الذي يثقل خطاي؟
ما هذا الذي يُثبّتني في رأس العالم ،
كمسامير الصليب ؟
ما هذا الذي يسيل من يدي ؟
يدي التي ليست نبعاً
يدي التي ليست رأساً لنبع !

لم أزرع بيدي شجرة
فمن أين لي بكل هذا الحطب؟
لم أدفن بيدي ميتاً واحداً
فكيف استيقظت عليّ ،مقبرة ؟
لم يطرق أحد بابي
لم أفتح لأحدٍ بابي
فكيف بالغرباء امتلأت ؟
وكيف هكذا بينهم ضعت؟




كاتيا راسم
دمشق
20 \10 \2013

الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

هو البحر أراد حصته من جثثنا.



ربما غرقوا لأن قلوبهم كانت مثقلة بالذكريات ،
أو لأن البحر رأى في عيونهم ملوحته وفي ابتساماتهم المتقلبة غموضه وارتباكه
فاستعادهم، متخيلاً أنهم  أبناء له ..
أو أنه فقط
البحر
_ أسوة باليابسة_
أراد حصته من جثثنا.






لم يكن
مركب نوح
لكنهم مثله
كانوا هاربين
من الطوفان.

___


كيف أنظر إلى البحر
وأنا لا أعرف
إن كان هذا ماء
أم دموع غرقى؟
إن كان هذا موجاً
أم صرخات يائسة؟
إن كان هذا زبداً
أم كلمات فارغة؟

___

توجعنا أيها البحر
أيها القديم،
كجثثنا ..
المالح،
كدمعة
في عين العالم..
الأزرق..
ككدمة
على ظهر
البشرية.

___


وأحب أن أتخيل
أنه سيصيرون أسماكاً ملوّنة
رسائل في زجاجات
أصدافاً نجمعها كل صيف
أنهم سيصعدون غيماً،
إلى السماء
و بدفء تشريني لذيذ.
على بيوتٍ كانت لهم
بغزارة ،
سيهطلون.




كاتيا راسم
دمشق
16\10\2013

الاثنين، 14 أكتوبر 2013

الحياة في باريس سهلة ،كنزهة.



إلى ج.م ،
 إليه في منفاه الجميل. 



على عتبة بعيدة ستجلس
وحيداً و غريباً كعشبةٍ نبتت في قلب الاسمنت
محاطاً بالضجر
و بكلمات كثيرة
ما كان عليك أن تقولها
____

بلا مأوى في بلادٍ لا تعرف من بلادك سوى حروبها
ستفكر بقصائدك الساكنة رفوفاً أنيقة في بيوت غريبة
وبلا امرأة تأوي إليها
ستفكر بكتبك النائمة بوداعة القطط في حقائب الجميلات.
____

سيكون الوقت متأخراً لتدرك أن القطارات لا تسمح لك بأخذ حياتك معك
سيكون الوقت متأخراً لتدرك أن حياتك بقيت هناك مع الذين لوحّوا لك بأيديهم الذابلة كرايات البلاد.
____

ستحب امرأة شقراء لكن طيبة
امرأة لم تخبر يوماً وعوره لغتك
ولا تفهم قصص طفولتك التي تبدأ دائماً من بساطيل الجنود وتنتهي بجثتك

____

الحياة في باريس سهلة كنزهة
الحياة هناك لا تعتمد على نشرات الأخبار وعدد الجثث وحالة الحدود

و لتخرج من بيتك هناك
ما عليك سوى أن تستمع للنشرة الجوية .

____

سيكون لديك صديقات كثيرات غيري
لكنهن
لا يذبن حزناً عندما يستمعن ل الياس خضر
ولا يبتسمن بألم عندما يقرأن صلاح جاهين..
ولن يفهمن أبدا ارتباك النواب وهو يقول
" مو حزن لكن حزين"





كاتيا راسم
دمشق
23\6\2013


السبت، 12 أكتوبر 2013

( I'M SWEET LIKE CHOCOLATE)





إلى روح لين و ليلى من السلمية
وردتان من ورود سورية كثيرة تم ذبحها بالسكين
والعالم ببرود قطبي يشاهد.

ذُبحتا يوم الخامس من تشرين الأول العام 2013 







أيكما لين ؟ أيكما ليلى ؟ إلى أي رقم كنتما تستطيعان العد ؟ وبأي الحروف كنتما تلثغان ؟
وهل كانت والدتكما تنهاكما عن حمل السكاكين و الأدوات الحادة ؟ ما حكايتكما الخيالية المُفضلة؟
هل كنتما تحبان الطائرات قبل الحرب مثلي عندما كنت صغيرة أجري خلفها حافية في الطرقات ؟
لا أقصد الطائرات التي تقصفنا و تلقي علينا براميل ال T.N.T  ،
بل تلك الطائرات الجميلة التي تأخذ الناس إلى مدن جميلة ،وتجلب أناساً محملين بالهدايا والقصص الممتعة ...

هل كنتما تحبان البلاد ؟ وترددان في حبها الأناشيد؟
كيف كنتما تلفظانها ؟ سوريا بالسين أم ثوريا بالثاء كما يفعل الصغار بهذه الأسنان اللبنية الجميلة ؟
هل قمتما بإلقاء أسنان لبنية للشمس في الصباح لتظهر لكما بدلا منها أسنانٌ جديدة  ؟
هل كنتما تخافان من العتمة ومن النوم بعيداً عن أمكما ؟


أسئلة كثيرة كنتما ربما ستجيبان عنهما لو أن قاتلكما استطاع أن يقرأ تلك العبارة المكتوبة على قميصك
يا لين أو يا ليلى  ( I'M SWEET LIKE CHOCOLATE)

لو أن والدة قاتلكما علّمته في صغره أن لا يحمل سكيناً ، وأن لا يقطف ورداً من حدائق الجيران.

يا صغيرتَي أي عذر أقدمه لكما ؟ كيف تصاغ الكلمات أمام ضحكتكما التي تدين العالم ؟
وكيف عساني أنظر إلى وجهي في المرآة ولا أرى وحشة القبر الصغير في عيونكما ؟

يا صغيرتَي
أنتما حلوتان كالشوكلاة لكن العالم قبيح، العالم قمامة تدور حول نفسها ، 
العالم ابن كلب يا جميلتيّ.




كاتيا راسم
دمشق
12\ 10 \ 2013



الجمعة، 11 أكتوبر 2013

موتى كُثر..




في قلبى موتى كُثر
أنا جنازة 
ضلت طريقها 
إلى المقبرة.

**

تُخيفني الطرقات المتأخرة على بابي..
وعلى شاشة هاتفي ،
تُخيفني الأرقام الغريبة..
تُخيفني صفحة الوفيات
و مذيعات الأخبار اللواتي ببرود قطبي
يذعن أسماء القتلى اليوميين
تُخيفني عينا أمك الدامعتان دوماً
كنبعين لا يمضيان إلى البحر..
يخفيني موتك القديم القديم
واهرب منه
لأجده دائماً ملقيا أمامي
على العتبة
ككومة مُدمّاة
من الدموع
و ثياب الجنود.


___


في الذاكرة هناك
جنازتك الغامضة
الأيدي الكثيرة التي ربتت على كتفي
العيون المُشفقة
الغرباء الذين جلسوا على أريكتك
وتبادلوا عبارات مُعلبّة عن الموت والحياة
ثم مضوا في سحابة ناصعة من النسيان
وهناك
العالم الذي بدا مضحكاً عندما ،
_رغم كل هذا_
لم يتوقّف عن الدوران.

___



إنها حياتي
التي بلا اكتراث
وكدائرة حكومية
دخلتَ إليها وخرجت
دون أن تبالي بيدي
الملوّحة لك بيأس غريق
دون أن تقول وداعاً
أو تترك خلفك رسالة اعتذار
إنها حياتي ..
المُدماة
كمناديل مرضى السل ،
الشائكة
كأسلاك الحدود ،
الشائكة
 كقنفذ يتيم ،
احتضنهُ وأنام.






كاتيا راسم
دمشق
11\10\2013

لا أحد يدخل حرباً ويخرج منها سالماً.




ما الذي سنقوله لأطفالنا، الذين لم يأتوا بعد ،عن هذه الحرب؟
كيف نحدّثهم عن أطفالٍ قُتلوا قبل أن يتعلموا قَول "لا"
عن أمهات متن وهنّ يضعن الكمّادات على جبين العالم المحموم ؟؟
عن نشرات إخبارية تُساق كعربات نقل الموتى؟
عن تفجيرات لم تهز في رأس هذا العالم شعره؟
ما الذي سنقوله عن كل تلك الصرخات التي لا تنطفئ ؟ عن الدماء التي تلطخ أيدينا ؟
عن إخوة حفروا لنا حفراً كثيرة و لم يقعوا فيها ؟
كيف نقنعهم أننا فعلنا ما بوسعنا لنهش كل هذه الغربان عن سمائنا ؟
وأننا حملنا وردة في وجه الدبابة ؟  وابتسامة في وجه الموت ؟ و كلمة في وجه العبوة الناسفة؟
و كيف نخبرهم بعد كل هذا أننا انتصرنا ؟
كيف نقنعهم أن جراحنا ستشفى ؟و أننا سننسى يوماً؟
كيف نقنعهم
أننا دخلنا حرباً 
وخرجنا منها سالمين ؟
___


سيريد أطفالنا رؤية أثر القيود على معاصمنا
وأثر عتمة الزنازين في عمق عيوننا
 ! كيف سنخبرهم أن سجوننا كانت بلا جدران؟
 وأن قيودنا ما كانت تُرى؟

___

يوما ما سيسألنا أطفالنا عن هذه الحروب
عن سبب لكل هذه الدماء
ولأننا لن نملك إجابة جيدة
سنقف أمامهم كطلاب كسالى
ومن زاوية أخرى:
كمجرمين نادمين.



كاتيا راسم
دمشق
11\10\2013