الجمعة، 20 سبتمبر 2013

غرقى يشعرون بالعطش ..




" أكتب كلمة واحدة في دفتري
و أغلقه
حركة تكفي لكي تتغير الدنيا "

كلما قرأتُ قصيدةَ "حمّال الكلمات" لسركون بولص ، أتوقّف عندَ المقطعِ أعلاه، فأردد باستغراب :
كلمةٌ واحدةٌ / حركة / تتغير الدنيا ..  !!
كلمةٌ واحدةٌ / حركة / تتغير الدنيا .. !!
كلمةٌ واحدةٌ فقط؟!!
هل حقاً بمقدورِ الكلمات ِأن تغيّر شيئاً في العالم ؟
السؤال الأخير، بما يولدّه من شكِّ و قلقِ وغيابِ تامِّ للطّمأنينةِ ، هو السببُ الذي يجعلني أكتب بلا توقف ،
فانا لا أعرفُ إن كانَ هناك حقاً بابٌ للخروج بالعالمِ من هذا الوحل الأبدي
وأن كان هنالك  واحد ، فهل للكلمات أن تكون مفتاحاً لهذا الباب؟
وهكذا تدور الأسئلةُ في رأسي كطيورٍ جارحةٍ، تنتظرُ استسلامَ  فريستِها ..
 فأخرج بفكرةٍ واحدة هي أنني إن كتبت ربما سأعرف الحقيقة ، لكن إن لم أكتب فأنا حتماً لن أعرف
وهذا ما لا احتملهُ .
        ______________                                         

" أكتبُ لأشعر بحالٍ أفضل" / "أكتب لأفرّج عما بداخلي من حزن وهموم" / "أكتب لكي يبقى الأثر " ..
عباراتٌ اعتدت سماعَها كإجابةٍ على السؤال : " لماذا أكتب؟" ...
أنا حقاً لا أشعرُ بحالٍ أفضل بعد الكتابة
على العكس من ذلك ، أشعرُ بحملٍ ثقيلٍ وكأنّ الكلمات التي لم تكُن مِن قبلُ ، صار لها وزنٌ
وبدأ يُثقِل كاهلي ، أشعر بأنني احمِلُ معي كل ما كتبته ..

مرةً شاهدتُ حلقةً من مُسلسلٍ بوليسي يقوم القاتلُ فيه بقتلِ ضحاياه عن طريقِ إعطائهم مادةً تُشعِرهم بالعطش الشديد والذي لا يرويه الماء أبدا ، حتى في النهاية يقتلهم العطش بينما خلايا أجسادهم غارقة بالماء ..!!

العطش (الشكوى من نقص الماء) و الغرق الداخلي ( الشكوى من زيادة الماء) هذا التناقض بكل ما فيه من ارتباك و جنون هو ما أشعر به حيال الكتابة ،
العطش الذي يدفعني لجرعاتٍ أكثرَ من ماءٍ اعرفُ أنّه سيُغرِقني ، ولن يروي أبداً ضمأي..

كاتيا راسم
دمشق
21\9\2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق